الجمعة، 6 أغسطس 2010

ماذا لو رحـــــــــلا ؟!؟؟





ماذا لو رحـــــــــلا ؟!؟؟

أشرق صباح يوم جميل ..
أعددت فيه أوراقي ..حقيبتي..ثم وليت ذاهبة لمقر عملي ..
قرع جرس الجامعة مؤذنا بداية الحصة ..
خطوت خطواتي للقاعة وفي قلبي هاجس لا أدري على أي مدى يرتفع صداه ..
في قلبي أزيز ..نعم ..أزيز ..
خواطر شتى داهمتني أثناء سيري ..
دخلت القاعة فألقيت السلام .. وحاولت أن ارسم بسمة تعلو شفتاي برغم ما أشعر به ..
:
بدأت كلماتي بأن محاضرة اليوم لن تعتبر محاضرة منهجية فقط بقدر ما هي مكاشفة لكل واحدة منا..
جلسة مكاشفة .. محاسبة .. لدفاتر الماضي في حياة كل واحدة لعلاقة هي من أسمى العلاقات الإنسانية ..
(والداك )
أمك و أباك
ريحانة الدنيا هما والله ..
خرجت كلماتي وكأنها كلمات مشفق نذير .. يعلن بصوت صداح وصية إله رحيم أراد الخير الوفير لعباده " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما رباني صغيرا "
أطلت في الحديث عنها ..ثم استدركت بسؤال لهن :
ماذا لو رحل في هذه اللحظة عن الدنيا أحد والداك ؟؟
زاغت الأبصار واشتد طرفها نحوي وكأنها توحي بإحساس غريب سرى في أجسادهن ..
هي حقيقة لابد منها .. فهل فكرت يوما في حدوثها قبل أن تحدث ؟؟!
لنعرض أحوالا من هؤلاء الذين فقدوا والديهم في لمح البصر... وكأن دوامة الحياة في أعينهن لم تسر..
فتاة في الخامسة عشر ربيعا كتبت في إحدى الصحف عبارات مؤثرة لمن كان له قلب ، تقول:
" رحل اليوم عن دنيانا شخص عظيم لم يكن زعيما معروفا ولا طبيبا مشهورا ولا ملكا من ملوك المال ..لم ترى صورته في صفحة من صفحات الصحف ومع هذا فقد كان في عيني أحد العظماء ..
رحل عن الدنيا اليوم أبي..
هذه أول ليلة سأعيشها بدون أبي ..الآن أشعر بالأسف لكل مرة لم أظهر فيها احتراما كافيا لأبي ..لكل لحظة طلب مني طلبا ولم ألبه .. ولكني أحمد الله أن متعني بأبي 15سنة .. أنا سعيدة لأن أبي قبل موته نظر إلي برضا ولازالت هذه النظرة تطمئنني أن الله راضي عني" .
لي قريبة في زهرة العشرين من عمرها، فقدت والدتها ، حضرت معها لحظات وفاة والدتها كانت تبكي بحرقة وتقول والله إني لأعض أصابع الندم على كل لحظة كانت تطلب أمي أن أجالسها فأعتذر بانشغالي بدراستي ، على كل أمنية كانت تود أن أحققها لها ولم أحققها ، والله يا مرام إني أشتاق فقط لحضنها ، أتمنى أن تعود روحها لكي أنعم بحنانها وعطفها ..
والآخر وقف على قدم أمه وهي جثة هامدة يسألها الصفح والرضا عنه!! ولم يخطر بباله يوما أن يسألها ذلك والروح بين جنبيها !!
نماذج كثيرة من هؤلاء الذين قد لا يشعرون بقيمة والديهم إلا إذا صعدت أرواحهم للسما ..ووارى جسدهم الثرى..
مساكين أولئك الذين يقفون عاجزين، ينتظرون هذه اللحظة التي مر بها غيرهم ولا يتعظون!! ..
مساكين أولئك الذين فرطوا في قرب والديهم و تركوا الديار والأوطان ولا يسألون!!..
مساكين أولئك الذين انشغلوا بالدنيا ولم يشغلوا أنفسهم يوما بوالديهم ..وجعلوهم يبكون!!..
مساكين أولئك الذين خرجوا من هذه الحياة ولم يتذوقوا لذة "واخفض لهما جناح الذل" .. فكيف يرحمون؟!!..
عبارات صادقة حملتها لبنيَّاتي وطالباتي اللاتي انهمرت دموعهم الصادقة تعلن عن أسف في القلب للحظات كن قد فرطن في إنعاش هذه الرياحين التي تعيش لأجلنا ..
أكتب كلماتي والله ..وعيني تذرف ..وقلبي يتألم .. لعله لإحساس بالتقصير تجاهكم أمي وأبي بسبب متطلبات الدراسات العليا ..
ومن هنا أعلنها لكم أني مهما بذلت لن أوفي حقكم ..لكني أسأل الله أن يفرغ ما بقي من عمري خدمة لكما وطاعة لكما حتى نتراءى في جنات عليين ..
اللهم آمين
فاصلة: أحد السلف ماتت أمه فظل يبكي ؟! فلما سئل قال: كيف لا أبكي وقد أغلق علي اليوم بابا من أبواب الجنة..

كتبته
مرام زاهد
معيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
قسم الثقافة الإسلامية 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق