الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

ما لا تعرفه عن كلمة التوحيد (( لا إله إلا الله محمد رسول الله


كلمة التوحيد هي كلمة الإخلاص , وشهادة الحق , ودعوة الرسل , وبراءة من الشرك , ونجاة العبد , ورأس هذا الأمر , ولأجلها خُلق الخلق كما قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }[ الذاريات / 56 ] ولأجلها أرسلت الرسل , وأُنزلت الكتب كما قال تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أن لا إله إلا أنا فاعبدون }[ الأنبياء / 25 ] ومن أجلها أفترق الناس إلى فريقين , فريق في الجنة وفريق في السعير , ومن أجلها حقت الحاقة , ووقعة الواقعة , ومن أجلها سُلت سيوف الجهاد , وفارق الابن أباه , والزوج زوجته فلا يدخل الإنسان في الإسلام إلا بعد أن يشهد هذه الشهادة , شهادة ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) فإن أبى فلا يكون من أهل الإسلام والتوحيد , بل هو من أهل الكفر والشرك , ولذا هي الركن الأول من أركان الإسلام , وهي مفتاح الجنة .

وفي الصحيحين عن ابن المسيب عن أبيه , قال : ( لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم , وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل , فقال له : (( يا عم قل : لا إله إلا الله . كلمة أحاج لك بها عند الله ))
فقالا له : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟! فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأعادا , فكان آخر ما قال : هو على ملة عبد المطلب . وأبى أن يقول لا إله إلا الله , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لأ ستغفرنَّ لك ما لم أنه عنك )) فأنزل الله عزوجل : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم }[ التوبة / 113 ] وانزل في أبي طالب :{ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء }[ القصص / 56 ] ) . وهذا يدل على عِظم هذه الكلمة الجليلة , فأبى طالب مات على ملة الشرك , ملة أبيه عبد المطلب بسبب عدم نطقه لهذه الكلمة العظيمة .

 ومعنى هذه الكلمة أي : لا معبود بحق إلا الله . فهي جامعة للنفي والإثبات , فـ( لا إله ) نفي لجميع ما يعبد من دون الله - كالأصنام والأوثان والملائكة والأنبياء والأولياء والجن الذين عُبدوا من دون الله - و ( إلا الله ) إثبات العبادة لله وحدة لا شريك له في العبادة دون غيره من المعبودات.

وأما ( محمد رسول الله ) فمعناها : طاعته فيما أمر , وتصديقه فيما أخبر , واجتناب ما نهى عنه وزجر , وأن لا يعبد الله إلا بما شرع . وهذا التعريف لمعنى شهادة محمد رسول الله شامل لها , لأن العبادة لابد أن تكون موافقة
لما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلا يُعبد الله بالبدع , والخرافات , وما يستحسنه الناس من عند أنفسهم .

     وأما خصائص كلمة التوحيد فمنها : أنها لا تشتمل على حرف منقوط . قال ابن عبد الهادي الحنبلي : ( ومن خواصها أن حروفها كُلها مهملة ليس فيها حروف معجمة تنبيهاً على التجرد من كل معبود سوى الله تعالى )وقال محمد بن أبي الفتح البعلي : ( ومن خواصها أن جميع حُروفها جوفية , ليس فيها شيء من الشفوية , إشارة إلى أنها تخرج من القلب ). 

* وأما شروطها فثمانية وقد نظمها بعضهم في قوله :
عـلم يقين وإخلاص وصدقك مع * * * محبةٍ وانقياد والقبول لها


وزيد ثامنها الكفران منك بما * * * سوى الإله من الأشياء قد أُلها

فالأولى : العلم بمعناها المنافي للجهل . وقد ذكرنا أنفاً معناها أي لا معبود بحق إلا الله .

الثانية : اليقين المنافي للشك , فلابد في حق قائلها أن يكون على يقين بأن الله سبحانه هو المعبود بحق .

الثالثة : الإخلاص وذلك بأن يخلص العبد لربه سبحانه في جميع العبادات , فلا يصرف شيء من العبادات لغيره - كالأصنام , أو الملائكة , أو الأنبياء , أو الأولياء , أو الجن - أو غير ذلك .
الرابعة : الصدق ومعناه : أن يقولها وهو صادق بحيث يطابق قلبه لسانه , ولسانه قلبه , فإن قالها باللسان فقط بدون إيمان القلب , فهو من المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر .

الخامسة : المحبة ومعناها : أن يحب الله عزوجل , فإن قالها بدون محبة الله , فهو أيضاً منافق قال تعالى : { ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حباً لله }[ البقرة / 165 ] .

السادسة : الانقياد لما دلت عليه من معنى , بحيث يعبد الله وحده وينقاد لشريعته , فلا يكون مستكبراً عن العبادة كما استكبر إبليس عن طاعة الله .

السابعة : القبول لما دلت عليه من إخلاص العبادة لله , وترك عبادة ما سواه راضياً بذلك .
الثامنة : الكفر بما يعبد من دون الله . أي : يتبرأ من عبادة غير الله , ويعتقد أنها عُبدت بالباطل , كما قال تعالى : { فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميعٌ عليم }[ البقرة / 256 ] .

 وأما الفوائد التي تحصل لذاكرها ومرددها فكثيرة جداً . نقل ابن حجي الحنبلي في رسالةٍ له سماها \" الكلام المُنقى مما يتعلق بكلمة التقوى \" عن صاحب كتاب \" فاكهة القلوب والأفواه \" أنه قال : (فمنها الزهد , ونعني به خلو الباطن من الميل إلى فان .ومنها التوكل , وهو ثقة القلب بالوكيل الحق سبحانه وتعالى . ومنها الحياء , بتعظيم الله عز وجل بدوام ذكره , والتزام امتثال أمره ونهيه .ومنها الشكر , وهو إفراد القلب بالثناء على الله تعالى , ورؤية النعم في طي النقم )
ثم قال ابن حجي مستدركاً عليه : ( قلت : ومنها أنها تعصم الدم والمال لمن قالها إلا بحقها ) .

    وأما فضائلها فقد عقد الحافظ زين الدين ابن رجب , فصلاً يبلغ (13) صفحة في كتابه \" التوحيد أو تحقيق كلمة الإخلاص \" وسوف أذكر بعضها باختصار :
1/ هي نجاة من النار .2/ توجب المغفرة .3/ أحسن الحسنات .4/ تمحو الذنوب والخطايا .5/ تجدد ما درس من الإيمان في القلب .6/ لا يعدلها شيء في الوزن .7/ تخرق الحُجب كلها حتى تصل إلى الله عزوجل إذا قالها القائل 
8/ ينظر الله إلى قائلها ويجيب دعاه إذا كان قالها مخلصاً . 9/ أفضل ما قاله النبيون .10/ أفضل الذكر .
11/ أفضل الأعمال وأكثرها تضعيفاً في الأجر وتعدل عتق رقبة وتكون حرزاً من الشيطان . 12/ أنها أمان من وحشة القبر وهول الحشر .13/ شعار المؤمنين إذا قاموا من القبور .14/ أن قائلها لا يخلد في النار.

بقلم موسى بن سليمان السويداء
موقع صيد الفوائد




 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق