الجمعة، 28 مارس 2014

عن مناسك الحج


قال صاحبي وهو يبتسم ابتسامة خبيثة
ألا تلاحظ معي أن مناسك الحج عندكم هي وثنية صريحة ذلك البناء الحجري الذي تسمونه الكعبة وتتمسّحون به وتطوفون حوله
ورجم الشيطان والهرولة بين الصفا والمروة وتقبيل الحجر الأسود وحكاية السبع طوفات والسبع رجمات وا
لسبع هرولات وهي بقايا من خرافة الأرقام الطلسمية في الشعوذات القديمة
وثوب الإحرام الذي تلبسونه على اللحم
لا تؤاخذني إذا كنت أجرحك بهذه الصراحة ولكن لا حياء في العلم
قلت في هدوء :

ألا تلاحظ معي أنت أيضا أن في قوانين المادة التي درستها
أن الأصغر يطوف حول الأكبر
الإلكترون في الذرّة يدور حول النواة
والقمر حول الأرض
والأرض حول الشمس
والشمس حول المجرّة
والمجرّة حول مجرّة أكبر
إلى أن نصل إلى الأكبر مطلقا وهو الله
ألا نقول الله أكبر
أي أكبر من كل شيء
وأنت الآن تطوف حوله ضمن مجموعتك الشمسية
رغم أنفك ولا تملك إلا أن تطوف
فلا شيء ثابت في الكون إلا الله
هو الصّمد الصامد الساكن والكل في حركة حوله
وهذا هو قانون الأصغر والأكبر الذي تعلمته في الفيزياء
أما نحن فنطوف باختيارنا حول بيت الله وهو أول بيت اتخذه الإنسان لعبادة الله فأصبح من ذلك التاريخ السحيق رمزا وبيتا لله ألا تطوفون أنتم حول رجل محنّط في الكرملين تعظمونه وتقولون أنه أفاد البشرية
ولو عرفتم لشكسبير قبرا لتسابقتم إلى زيارته بأكثر مما نتسابق إلى زيارة محمد عليه الصلاة والسلام
ألا تضعون باقة ورد على نصب حجري وتقولون أنه يرمز للجندي المجهول
فلماذا تلوموننا لأننا نلقي حجرا على نصب رمزي نقول أنه يرمز إلى الشيطان
ألا تعيش في هرولة من ميلادك إلى موتك
ثم بعد موتك يبدأ ابنك الهرولة من جديد
وهي نفس الرحلة الرمزية
من الصفا ، الصفاء أو الخواء أو الفراغ رمز للعدم
إلى المروة ، وهي النبع الذي يرمز إلى الحياة و الوجود
من العدم إلى الوجود ثم من الوجود إلى العدم
أليست هذه هي الحركة البندولية لكل المخلوقات
ألا ترى في مناسك الحج تلخيصا رمزيا عميقا لكل هذه الأسرار
اضغط شير فى الخير زكاة العلم تبليغه
د. مصطفي محمود

هناك تعليق واحد:

  1. اختيار متميز
    كان د. مصطفى محمود رمزا للفكر المستنير
    تحياتي وخالص احترامي
    م. نايف الشهري

    ردحذف